ستحقق خمس دول عربية الاكتفاء الذاتي الكامل: اقتصادات قوية، شراكات عسكرية وأمنية، استقرار طويل الأمد، وحياة أفضل للمواطنين
يمكن أن تعيد وحدة إقليمية بين موريتانيا، المغرب، الجزائر، تونس، وليبيا تشكيل الخريطة الأفريقية إلى الأبد. كل هذا يعتمد على نجاح اتحاد المغرب العربي، وهو مشروع فشل قبل أن يولد حتى.
فكرة وتشكيل اتحاد المغرب العربي
ظهرت فكرة الاتحاد لأول مرة قبل أن تجتاح موجة الاستقلال العالم العربي. جرت أولى المناقشات حول الاتحاد خلال مؤتمر الأحزاب المغربية في طنجة عام 1958، الذي ضم حزب الاستقلال المغربي، والحزب الدستوري التونسي، وجبهة التحرير الوطني الجزائرية. بعد حصول الدول على استقلالها، تم القيام بعدة محاولات لتحقيق هذا الاتحاد، مثل إنشاء اللجنة الاستشارية المغاربية في عام 1964، التي كانت تهدف إلى تعزيز الروابط الاقتصادية بين الدول. تلت ذلك اتفاقيات أصغر، مثل معاهدة الأخوة بين الجزائر وتونس وموريتانيا في عام 1983.
استمرت الاجتماعات والاتفاقيات حتى يونيو 1988، عندما اجتمع قادة دول المغرب في زيرالدا، الجزائر. في هذا الاجتماع، أعربت جميع الأطراف عن رغبتها في تأسيس اتحاد المغرب العربي. وأخيرًا، في 17 فبراير 1989، تم الإعلان رسميًا عن الاتحاد في مراكش، المغرب، والذي شمل خمس دول: المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، وموريتانيا، مما وضع الحجر الأساس الرسمي.
أهداف وهيكل اتحاد المغرب العربي
منذ البداية، تم تحديد أهداف واضحة للاتحاد، وكان الهدف الأساسي هو تحقيق التوافق بين الدول وتوسيع التعاون الدبلوماسي بينها، مع الحفاظ على استقلال كل دولة.
كان أحد الأهداف الرئيسية الأخرى هو تحقيق التنمية الاقتصادية المشتركة عبر جميع القطاعات - الصناعية، الزراعية، التجارية، وحتى الثقافية. اتفقت الدول الأعضاء على تطوير التعليم وإنشاء نظام متكامل بينها. قدمت هذه الأهداف الواضحة حلاً للقضايا المستمرة التي يواجهها المواطنون في المنطقة، لكنها بقيت مجرد كلمات على الورق لعدة أسباب.
**علم اتحاد المغرب العربي من قمة أعلى قمة في إفريقيا، جبل كليمنجارو في تنزانيا.** |
أما بالنسبة للهيكل، مثل أي اتحاد أو منظمة كبرى، كان لدى اتحاد المغرب العربي هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية. كان في القمة المجلس الرئاسي، الذي ضم رؤساء دول الدول الأعضاء، تلاه مجلس وزراء الخارجية، المسؤول عن عقد اجتماعات الاتحاد. وبعد ذلك كان هناك لجنة المتابعة، التي كانت مكلفة بالإشراف على قضايا الاتحاد وتقديم تقاريرها للمجلس الأعلى.
كما كان للاتحاد عدة لجان وزارية متخصصة، مثل لجنة الاقتصاد والمالية ولجنة الموارد البشرية. تم إنشاء أمانة عامة، مقرها في الرباط، المغرب، يقودها أمين عام يتم تعيينه من قبل المجلس الرئاسي لفترة ثلاث سنوات، بالإضافة إلى فريق من الموظفين يتم اختيارهم بواسطة الأمين العام.
علاوة على ذلك، شمل الاتحاد مجلس الشورى، وهي هيئة تشريعية، إلى جانب السلطة القضائية وأكاديمية العلوم المغاربية. كان أحد النتائج المبكرة للاتحاد هو إنشاء الجامعة المغاربية وبنك المغرب للاستثمار والتجارة الخارجية، الذي كان يهدف إلى تأسيس اقتصاد مغاربي مترابط ومتكامل.
ومع ذلك، ظلت كل هذه التفاصيل عالقة بسبب العديد من القضايا بين الدول الأعضاء. تم تنفيذ الاتفاقيات فقط، بينما لم يرَ شعب المغرب أي نتائج ملموسة.
انهيار الاتحاد
على الرغم من الاجتماعات والاتفاقيات العديدة، فشل اتحاد المغرب العربي في تحقيق أي من أهدافه. حولت الصراعات السياسية الاتحاد إلى مجرد هيئة إدارية بدون أي قوة أو تأثير حقيقي. كانت القضية الرئيسية التي لم تُحل هي نزاع الصحراء الغربية، الذي كانت المغرب تتنازع بشأنه مع جبهة البوليساريو لسنوات. اتهمت المغرب بشكل متكرر الجزائر بدعم البوليساريو ماليًا وعسكريًا وسياسيًا. أعلنت الجزائر بشكل علني دعمها لاستقلال الشعب الصحراوي، مكررةً دعوتها للأمم المتحدة للتدخل وحل المسألة، متجنبةً الصراع نفسه.
كلفت سنوات من المعارك حول الصحراء الغربية المغرب الكثير من الأرواح والموارد، مما زاد من توتر علاقته مع الجزائر. على الرغم من التوصل إلى اتفاق برعاية الأمم المتحدة في عام 1991، إلا أن التوترات تصاعدت مرة أخرى بعد ثلاث سنوات، عقب هجوم إرهابي على فندق في مراكش، حيث تم اتهام مشتبه بهم من أصل جزائري. استجابت المغرب بفرض متطلبات تأشيرة على الجزائريين، وبدورها، ردت الجزائر بالمثل.
ساهم عامل آخر في انهيار الاتحاد، وهو عدم رضا الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، الذي شعر أن الاتحاد لم يقدم الدعم الكافي لليبيا في أوقات حاسمة. وبالتالي، حول تركيزه إلى إفريقيا بدلاً من الاتحاد. لعبت التوترات بين ليبيا وتونس أيضًا دورًا، حيث تعود إلى محاولة دمج فاشلة في عام 1974. حولت العديد من القضايا الاتحاد إلى منصة للوم وتبادل الكلام الفارغ، مما ترك حلم المغرب الموحد غير مُحقق لأكثر من 30 عامًا. الآن، ينتظر الاتحاد اتفاقات حقيقية لإعادته إلى الحياة بعد عقود من الخلاف والصراع، حتى يصبح اتحاد المغرب العربي أخيرًا واقعًا.